أوجدنا هذا المتحف عربون وفاء وتقدير للدكتور عصام حداد الذي أهدى الأدب المهجري جائزة أدبية تحمل اسم: شربل بعيني

إلى رفيق غنّوم

   أخي ونسيبي المهندس رفيق غنّوم
   .. وهل من عجب في هذا الدعاء،  والأدب يؤلّف بيننا هذا النسب؟!.. ألا تذكر الشاعر:
فقلت أخٌ، قالوا أخٌ من قرابةٍ؟
فقلت لهم: إن الشكول أقاربُ
   وهل من أخوّةٍ أوثق عرىً من الكلمة التي توحّد الكون؟
   إن هذه الحروف السنيّة البهيّة شعاعات السماء فينا وخفقات الإلـه. وما التواصل بيننا، يشدّ الأواصر وبين العوالـم الأخر، إلاّ هذه الخطرات السحريّة المشحونة بالإيحاءات والأعاجيب والعبر..
   لذا، فعبر القارّات، إلى المقلب الثاني من الأرض، يطير فكري إليك فأعيش معك، من (صوت المغترب) بالأمس، إلى فيضك اليوم من دقّة تحقيق في (البيرق)، مما يدلّ على سعة المعرفة، وحسن الملاحظة، وشائق الصياغة، وأناقة الأسلوب والإحاطة بدقائق الموضوع، والرشاقة في التحليل والعرض والنقد الباني الذي يتحلّى به قلبك الكبير.
   كل هذه البيّنات، تتعالى بروحك السامية عن التقريع والتجريح اللذين يألفهما بعض الأدباء..
   لَكَم نحن مفتقرون إلى نقّاد ومفكرين موجهين، في عصر الفوضى والإنفلات، جعلت العولمة فيه، الكون قرية صغيرة. ولو بقي مقصّراً عن استيعاب الفكر والروح والضمير.
   غير أني، رغم شكري العميم لما تُفْضِل به عليّ، أسرّ في أذنيك، أن ما تنشره، ما هو إلاّ رسائل حميمة بيني وبين شربل بعيني، بعدما حملني إليه، نحو القارّة البعيدة، إعجابي بهوسه الطفولي، وحسّه الوطني، ووضوحه، وطيبته، ومحبّته، والوفاء، فنلت (جائزة جبران)، ونعمت بأيّام سعيدة بين أهلي أهل (رابطة إحياء التراث العربي) في سيدني، مدينة السحر والجمال.
   قلت في نفسي: سامحه اللـه، أما كان أجدر به أن يعفيني من ألف ورطة وورطة تجلب عليّ الويل؟!
   لا يخفى عليك يا أخي رفيق، أن البواحات بين صديقين، تنطوي غالباً على كثيرٍ من الغث والسمين، والحشو والسرد والنوادر الخاصة، والتعليقات الحلوة والمرّة، والحوامض والموالح التي لا تنشر على السطوح.
   أمّا وقد وقعت بين يديك، فأرجو أن ترحمني في كثير من الفضائح الأدبيّة واللغويّة، والعورات والسقطات، ولو كانت العفويّة والبوح الصادق صورة عن المعاناة.
   لا ضير عليك إذا حذفت هذه، وتغاضيت عن تانك، وحولت عينيك عن تلك، فالتاريخ لا يرحم، والكلمة متى أفلتت، فهي كالريش في الهواء القالع لا يُلـمّ.
   والقارىء اللبيب بيده مجهر ومذراة ومقصلة وغربال.. فيا ويلي إذا كنت ذلك المنتوف المنحوس التاعس، حظّي تحت الغربال.
   على كلّ حال، بوركت يراعتكم النقيّة البانية، أنتم يا أهل الإنتشار الحاملين في قلوبكم الأصالة والعزّة لأمّة لا يعلو لها، أبهى من علمكم، علم. ولا يملك على قلبها، أكثر من قلبكم قلب، ولا يهديها إلى ميناء الخلاص أجدى من فكركم فكر.
   حفظتكم العناية، ودام لكم هذا العطاء.
(رسالة تاريخية بعث بها الدكتور حداد الى صديقه المهندس رفيق غنّوم قبل وفاته)

شربلي الرائع

      في دماغ العظماء خلدٌ ينبش، وما برح هذا الخلد ينبش في دماغ "شاعر الخافقين" شربل العظيم الذي حمل لبنانه في قلبه وعينيه وراح يزرعه في كلّ أرض وتحت كلّ سماء.
         ولو قدّر لكلّ وطن، لركّز لك تمثالاً لا من حجارة، على مفارق الأمم، بل من أرواح وقلوب لأنّ "بليل الأرق" فيك لا ينبت إلاّ العظائم، وعظائم الرجال لا تضاهيهم كنوز الدنيا، فهم والخلود صنوان.
     رائعة بادرتك بمنحك "جائزة شربل بعيني" للوردة الشماليّة سوزان بعيني.
     هذه الأديبة التي أغدقت عليها السماء الكثير من النعم من أدبٍ وجمالٍ وذكاء، حتّى لقد بلغ بي يومًا الهوس أن أضع أمام خطواتها على كلّ مفرقٍ "خرزةً زرقاء" تفقأ قناطير الحصرم في أعين الحاسدين.
     فالى الغالية سوزان إعجابي وإحترامي ومحبّتي. إنها تستأهل الجوائز والنياشين.
     وإليك أيّها الحبيب من الأهل والهيئة التعليميّة وطلاّب معهد الأبجديّة الذين شهدوا طلعتك البهيّة، إليك من جميع محبيك أطيب العاطفة لتظلّ سيّد الروائع في كلّ زمان ومكان.
                       جبيل معهد الأبجديّة صباح 6/6/2012
   

د. عصام حدّاد

شربلي العصاميّ الكبير

     تملأ الدنيا وتشغل الناس من شعرك وجهدك في المجلَّة والتعليم وفي الحياة.
     طالعت ما أفضلت عليّ به من التجديد في المتحف ودائمًا أفضالك عميمة عليّ بحبّك، بمشوراتك، بكلّ ما تغمرني به من حين تعارفنا في بغداد. وكنت في الوفد الزائر قيدوم الشعراء، فقد فعلت بهم فعل الحصاة بالماء. وحين دعوتني الى سيدني لم تخلِّ زيادة لمستزيد إلاَّ وفعلته لأجل عصامك.
     شربلي الحبيب لا أقدر على وفائك بشيء إلاَّ بالحبّ، يكفي ما ضحَّت لراحتي الفقيدة الغالية "ست الحبايب" أذكرها دومًا في صلاتي وأطلب شفاعتها من السماء.
     أثَّرني جدًا رحيل بطرس عنداري، لقد عمل لأجل وطنه الكثير. رحمه الله وعوّضنا أمثاله رجال معرفة وجهاد.
     أكرر شكري وحبّي واعجابي لوفائك وحبّك واتمنى أن يُزرع في كلّ أرض شربل بعيني.
عصام حدّاد ـ جبيل