أوجدنا هذا المتحف عربون وفاء وتقدير للدكتور عصام حداد الذي أهدى الأدب المهجري جائزة أدبية تحمل اسم: شربل بعيني

إضحك.. ببلاش

شربل بعيني
عندما تتكلّم عن الدكتور عصام حدّاد، صاحب ومدير معهد الأبجدية في مدينة جبيل اللبنانية، يعرف الجميع أنك تتكلّم عن الكرم اللبناني الأصيل النادر، المعتّق في إحدى خوابي عين كفاع الغارقة في القدم..
ومجنون من يفكّر أن هناك من يضاهيه بحبّه، بإخلاصه، باندفاعه وبعطائه اللامحدود.. إنه أفضل نحلة في قفير وطننا لبنان.
سعادته تكمن في سعادتك، وراحته لا تكتمل إلا إذا اكتملت راحتك.. إنه يسير عكس التيّار المادي الكاسح الماسح، يفرك أنفه وأذنيه ويضحك.. وإنك لتتعجّب من جرأته وتلقائيته.. وحماسه للبنان.
يحبّ النكتة، ويتفنن بإلقائها وبفبركتها، وبالاستمتاع بها.. وإليكم بعضها:
طلب أحدهم من الدكتور عصام حداد أن يساعده بالتفتيش عن شقة تقع على شفير أحد الوديان.. فأخذه الدكتور إلى بلدة (مستيتا) قضاء جبيل، حيث الوادي الأخضر المضمخ بلؤلؤ نهر الفيدار، فأعجب بالمنظر كثيراً.. ولكنه اكتشف ان المنطقة لا تصلها مياه الشفة، فغيّر رأيه وطلب من عصام أن يأخذه إلى وادٍ آخر، فما كان منه إلاّ أن التفت إليه وقال:
ـ ضروري تحطّ مصرياتك ع الوادي، ما لبنان كلّو وديان، وين ما بدّك وقاف وتفرّج ببلاش.
ومن النكات التي يخبرها عصام لأصدقائه واحدة حصلت في سيدني يوم زارنا لاستلام جائزة جبران العالمية، وفي حفل توزيع الجائزة قال رئيس رابطة إحياء التراث العربي الاستاذ كامل المر: إني أرحّب بكم فرداً فرداً.. فما كان مني، وكنت سكرتير الرابطة، إلا أن قلت:
ـ شو يا إستاذ كامل.. الظاهر ما شفت إنّو في نسوان بالحفلة حتى تقول: إني أرحب بكم فرداً فرداً..
فأجابني والدهشة بادية على محياه:
ـ وشو بدك ياني قول؟!
فأجبته بجدية ظاهرة:
ـ لازم تقول: إني أرحب بكم فرداً وفردةً.
فضحك الاستاذ كامل المر، وحمل الدكتور عصام حداد النكتة إلى الأثير اللبناني لتصبح نكتة الموسم.
ومنذ عدة أشهر، كنّا في ضيافة الدكتور عصام حداد، فأولـم على شرفنا وليمة حضرها رئيس تحرير مجلة (الامن) اللواء الشاعر محمد ياسر الايوبي. ومن جملة المأكولات التي أعدتّها أخته سلوى (حبشة) محشية بالأرز، تبدّل على تقطيعها جميع المدعوّين نظراً لحجمها الكبير.
وفجأة دخل أحد اصدقائه، وطلب التحدّث معه، فما كان منه إلا أن دعاه لتناول الطعام معنا.. ولمّا لـم يقبل وهمّ بالانصراف، لحقه الدكتور عصام وصوته يسبقه: سلملي ع بيك.. سلّملي ع إمك.. سلملي ع جدك.. ع ستك.. ع عمك.. أللـه معك.
وعندما رجع إلى الطاولة قلت له بصوت عالٍ:
ـ شو باك يا عصام.. هيئتك صرت بخيل كتير!!
ـ ليش شو عملت؟
ـ بدل ما تحمّل صديقك كل هالسلامات لأمو ولبيّو.. كان الافضل تحمّلو فخدين من هالحبشة تا يتعشّوا عليهن.
لقاء الدكتور عصام حداد صعب، ووداعه أصعب.. والويل ثـم الويل لمن يتعرّف على كامل العائلة (الحدادية).. فلسوف يسرقون قلبه وعقله.. ودمعته.. ويتركونه ضائعاً.. حائراً، لا يطيب له عيش إلا بالقرب منهم.